ليتواصل اللقاء



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ليتواصل اللقاء

ليتواصل اللقاء

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ليتواصل اللقاء

المنتدى التواصلي لأساتذة التربية الإسلامية

مرحبا بكم في المنتدى التواصلي لخريجي المركز التربوي الجهوي بمراكش فوج :  2009 / 2010 شعبة التربية الاسلامية 
نهيب بجميع الأساتذة الفضلاء إغناء المنتدى بمشاركاتهم القيمة حتى يبقى هذا المنتدى جسرا للتواصل البناء و الهادف
نذكر زوارنا الكرام و الغيورين على مادة التربية الاسلامية ان المنتدى يرحب بكل الاعضاء تلاميذ كانوا او اساتذة او في طور التخرج ... ملتمسين منهم اغناء منتداهم هذا بكل ما يفيد .

المواضيع الأخيرة

» كتاب في طرق التدريس (( PDF ))
مقال للدكتور: محمد ويلالي (( جدلية مكونات العملية التعليمية )) Emptyالثلاثاء ديسمبر 24, 2013 2:02 pm من طرف karimi

» البرامج والتوجيهات التربوية الخاصة بمادة التربية الإسلامية بسلك التعليم الثانوي الإعدادي
مقال للدكتور: محمد ويلالي (( جدلية مكونات العملية التعليمية )) Emptyالثلاثاء نوفمبر 19, 2013 4:26 pm من طرف ادير

» محموعة خطب ومقالات رائقة لأستاذنا الدكتور محمد ويلالي حفظه الله
مقال للدكتور: محمد ويلالي (( جدلية مكونات العملية التعليمية )) Emptyالجمعة نوفمبر 08, 2013 12:56 am من طرف سيدي محمد

» نموذج امتخان الدخول إلى المراكز التربوية الجهوية ( CPR ) سنة : ( 2007 )
مقال للدكتور: محمد ويلالي (( جدلية مكونات العملية التعليمية )) Emptyالسبت سبتمبر 07, 2013 11:54 am من طرف youssef

» الوضعية المشكلة كمدخل ديداكتيكي وخصوصيات مادة التربية الإسلامية
مقال للدكتور: محمد ويلالي (( جدلية مكونات العملية التعليمية )) Emptyالإثنين فبراير 18, 2013 2:08 pm من طرف الاستاذة ام نائل

» موضوع حول النظرية البنائية لبياجيه بتقنية بوربوانت
مقال للدكتور: محمد ويلالي (( جدلية مكونات العملية التعليمية )) Emptyالإثنين فبراير 04, 2013 12:37 am من طرف غسان عبد العزيز

» الامتحان الموحد المحلي للثالثة اعدادي
مقال للدكتور: محمد ويلالي (( جدلية مكونات العملية التعليمية )) Emptyالجمعة ديسمبر 28, 2012 2:03 pm من طرف عبداللطيف الكريمي

» قراءة خاشعة بصوت الأستاذ المقرئ:مصطفى بويدان
مقال للدكتور: محمد ويلالي (( جدلية مكونات العملية التعليمية )) Emptyالثلاثاء يوليو 03, 2012 4:59 am من طرف faiz

» ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية
مقال للدكتور: محمد ويلالي (( جدلية مكونات العملية التعليمية )) Emptyالثلاثاء يوليو 03, 2012 4:58 am من طرف faiz

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 1 عُضو حالياً في هذا المنتدى :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 1 زائر

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 14 بتاريخ الأحد ديسمبر 30, 2012 9:33 am

 
 

le matin
*********
l'opinion
*********
la map
*********
المنتخب
*********
aujourd hui le maroc
*********
al3alam
*********
telquel
*********
التجديد
*********
الأحداث المغربية
*********
morocco sport
*********
la gazitte
*********
المساء
*********
sayitadi al arabia
*********
جريدة الصباح
*********
Economiste
*********
liberation
*********
الصحراء المغربية
*********
al Bayane
*********
جريدة بيان اليوم
*********
جريدة النخبة
*********
Morocco Daily
*********
جريدة الإتحاد الإشتراكي
*********
جريدة التجديد
*********
جريدة النهار المغربية
*********
جريدة الحكة الشعبية
*********
جريدة الرياضة


2 مشترك

    مقال للدكتور: محمد ويلالي (( جدلية مكونات العملية التعليمية ))

    عادل الشعيري
    عادل الشعيري


    عدد المساهمات : 79
    تاريخ التسجيل : 01/06/2010

    مقال للدكتور: محمد ويلالي (( جدلية مكونات العملية التعليمية )) Empty مقال للدكتور: محمد ويلالي (( جدلية مكونات العملية التعليمية ))

    مُساهمة من طرف عادل الشعيري الأربعاء أغسطس 18, 2010 8:53 am


    بسم الله الرحمن الرحيم :

    كنت أتجول في الشبكة العنكبوتية؛ فإذا بعيني تقع على مقال رائع وجميل، أحببت أن أتوج به منتدانا الغالي، ويستفيد منه - إن شاء الله - الأساتذة الكرام؛ وهو مقال من تأليف أستاذنا الدكتور النابغة الألمعي: سيدي محمد ويلالي حفظه الله، وقد عنون مقاله الرائع بــ : [ جدلية مكونات العملية التعليمية ]، وإليكم رابط هذا المقال :

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]


    كثرت الدِّراسات الحديثة المتعلِّقة بالمجال التربوي؛ باعتِباره أحدَ الروافد الكبرى المُسهِمة في نموِّ الأشخاص، وتكوينهم الفكري والمعرفي والأخلاقي، وظهرتْ في سبيل ذلك مدارسُ فلسفيَّة عِدَّة، واتِّجاهات نفسيَّة عديدة، انبثَقَتْ عنها نظريَّات بيداغوجية مختلفة، تتجاذَبها أطراف العمليَّة التعليميَّة الثلاثة: المعلم - المتعلِّم - المادة المعرفيَّة، المصطلح عليها بالمثلث البيداغوجي (le triangle pédagogique et/ou didactique)، التي أصبحت تتحكَّم في دراستها مقاربة الأبعاد السوسيولوجية والثقافية والسيكولوجية، وبرزت إلى السطح مصطلحاتٌ جديدة؛ مثل: البيداغوجية الفارقية - الزوبعة الفكرية - التغذية الراجعة - والديداكتيك - والكفايات - ودينامية الجماعة.



    هذه المصطلحات خضَعت في تحديد مفهومها للنظريَّات التربويَّة الجديدة؛ كالنظريَّة السلوكيَّة le behaviorisme، التي كان من رُوَّادها القُدامَى: بافلوف، وواطسون، وسكينر، المعتمدة أساسًا على جدليَّة (مثير - استجابة)؛ أي: إنَّ التعلُّم هو: "تغيير أو تعديل في سلوك المتعلِّم، عندما يتعرَّض لتأثير محدَّد صادِر عن محيطه"[1]، والنظريَّة البنائيَّة le constructivisme، وارتبطت بـ: جان بياجي وباشلار، وهي ترى أنَّ التعلُّم فعل وظيفي يعتَمِد على مبدأ التفاعُل بين الذات والمحيط، وليس مجرَّد التأثير الخارجي على الذات كما ترى السلوكيَّة، أو التأثير العقلي كما ترى النظريَّة المعرفيَّة le congnitivisme.



    فالتعلُّم عند بياجي: نشاط ذهني حركي، يحصل من خلال عمليَّتين متلازمتَيْن هما: الاستيعاب assimilation، المعتمدة على إدماج المعارف الجديدة في البنيات الذهنيَّة القبليَّة[2]، فالفعل التربوي يمرُّ بمرحلة إكساب المفهوم، ثم إدماج المفهوم، وصولاً إلى تعويم المفهوم باستِحضار المثال واللامثال، وبعد الاستيعاب تأتي العمليَّة الثانية، وهي المُلاءَمة accomodation؛ أي: تلاؤم الذات مع معطيات المحيط الخارجي، وفي هذا ردُّ الاعتبار لمكانة المتعلِّم ضمن العمليَّة التعليميَّة التعلُّميَّة، الذي أصبَح في قلب هذه العمليَّة، وليس مجرَّد مُستَقبِل للمعرفة، وهو عمق مصطلح الكفايات الذي جاء بديلاً عن مصطلح الأهداف.



    فالبنائيَّة دفعت باتِّجاهٍ جعل الفعلَ التربوي يَسِير نحو الوضعيَّات التفاعليَّة interactives التي تُثِير في التلميذ الرغبةَ في البحث، وصِياغة المشكلات، ومناقشة المشاكل، وتقبُّل اقتراحات وتمثُّلات (représentations) التلاميذ.



    ويُؤخَذ عليها أنها تقول بـ"نسبيَّة المعرفة"؛ ممَّا يَتعارَض مع المنطلق الذي نُؤمِن به نحن - المسلمين - كوجود الله والبعث والجزاء.



    وهكذا نُلاحِظ تغيُّر المُنطَلَقات البيداغوجية تبعًا لتغيُّر النظريَّات السيكولوجيَّة.



    وهنا لا بأس من التمهيد لموضوع جدليَّة مكونات العمليَّة التعليميَّة بشرح بعض المصطلحات البيداغوجية، وإن كان التركيز سيقع على أوَّل هذه المكونات، وهو المعلِّم؛ مراعاةً للقصد من هذه الدِّراسة.



    1 - هل هناك فرقٌ بين التلميذ والمتعلِّم؟

    جاء في "لسان العرب": "التلاميذ: الخدم والأتباع، واحدهم تلميذ"[3].



    ويقال: تلمذ لفلان وعنده، كان له تلميذًا، والتلميذ: خادم الأستاذ من أهل العلم أو الفن أو الحرفة، والتلميذ: طالب العلم، وخصَّه أهل العصر بالطالب الصغير.



    وعَلِمَ الأمر وتَعَلَّمَهُ: أتقَنَه[4]، وقد تأتي بمعنى أخذ الشيء، قال الثعالبي في "فقه اللغة": "ويكون (تَفَعَّل) لأخذ الشيء نحو: تَأَدَّب وتَفَقَّه وتعَلَّم، ويكون تَفَعَّل بمعنى افْعَلْ؛ نحو: تَعَلَّمْ، بمعنى اعلَمْ، كما قال القطامي:

    تَعَلَّمْ أَنَّ بَعْدَ الشَّرِّ خَيْرًا
    وَأَنَّ لِهَذِهِ الْغُمَمِ انْقِشَاعَا



    فمصطلح "التلميذ" كان سائدًا لقرونٍ عدَّة، لكن مع علم النفس الحديث زُوحِم هذا المصطلح، كما زُوحِمت مصطلحات أخرى كانت سائدة، بحيث "نجد مفهوم متعلِّم، الذي أصبح يُسَيطِر على الساحة التعليميَّة وفي كلِّ الخطابات التربويَّة على حساب مفهوم تلميذ"[6].



    ولكن ليس الأمر استبدالَ مصطلح بآخَر استِبدالاً لغويًّا وحسب؛ "بل إنَّ الأمر يتعلَّق بتغيُّرٍ على مستوى الدلالات؛ حيث نجد الأوَّل "التلميذ" قد ارتَبَط ببيداغوجيات كانت سائدةً خِلال عصورٍ خَلَتْ، والتي كانت أغلبها تُرَكِّز على تبليغ المادَّة، وعلى مركزيَّة المدرِّس داخِل المنظومة التربويَّة، فهو المسؤول عن البحث عن المادَّة التعليميَّة، ووضعها في قالبٍ معيَّن؛ ليتمَّ تمريرُها إلى ذهن الفرد المُستَهدَف من فعل التعلُّم"[7].



    فكأنَّ كلمة "تلميذ" تقتَضِي أن يكون المعلِّم مالكَ المعرفة، والتلميذ مجرَّد متلقٍّ لها، يَراها متى طُلِب منه ذلك، تبعًا للأهداف التي رسمَها المعلم، والتي يجب أن تنسَحِب على الفصل كلِّه دون تفريقٍ بين التلاميذ ومؤهلاتهم ومكتسباتهم وقدراتهم، لتعتبرهم كما كان شائِعًا صفحةً بيضاء، وبعد تَوالِي الأبحاث والدِّراسات في ميدان السيكولوجيا بعامَّة، وسيكولوجيا الطفل بخاصَّة، وهي في غالبيَّتها دراسات غربيَّة - تبيَّن أنَّ هذا الطفل يجب أن يكون محورًا، وليس هامشًّا متلقيًّا ومتأثرًا، فاعتُبِر (متعلمًا) التي من معانيها (عالم)، واعتبر المتعلِّم "هو الذي يبحَث عن مادَّة تعلُّمه، ويتكيَّف معها بفعل جهازه العقلي المعرفي"[8].



    وهنا يبرز مصطلح العقد الديداكتيكي didactique contrat حين وضع برادفورد Bradford سنة 1961 مفهوم المصالحة التربويَّة Transaction لضبط العلاقة بين الأستاذ والتلاميذ، عبر ما يُسمَّى بالعقد البيداغوجي Contrat pédagogique، غير أنَّ العلاقة البيداغوجيَّة بين المدرِّس والتلميذ كانت غير مُتماثِلة Asymétrique، باعتِبار الأوَّل مالكًا للمعرفة، والثاني مستقبِلاً لها، فظهر ما يسمَّى بالعقد الديداكتيكي الذي يَضمَن عند حسن تطبيقه علاقةً جيِّدة بين الطرفين.




    والعقد الديداكتيكي تَعاقُد ضمني بين الأستاذ والتلاميذ منذ بداية السنة الدراسيَّة، يتمُّ بِمُوجَبه تحديدُ واجبات وحقوق كلِّ طرف؛ كالاتِّفاق على الأهداف والكفايات المطلوبة، والوسائل الديداكتيكية المستعمَلة، والطرق البيداغوجيَّة المسلوكة، بالإضافة إلى تحقيق الانضِباط، وحسن السلوك، وعدم الغشِّ، وإحضار الأدوات البيداغوجيَّة، والحق في المناقشة، وتكافؤ الفُرَص...




    2 - التربية Education:

    جاء في "تاج العروس": "رَبَّ ولدَه والصبيَّ يَرُبُّه رَبًّا: رَبَّاه؛ أي: أحسَنَ القِيام عليه، ووَلِيَه حتى أدرَك؛ أي: فارَقَ الطُّفُوليَّة، كان ابنَه أو لم يَكُنْ... وربَّاه تربيَةً..."، وفي "مختار الصحاح": "ربَّاه تربيَة وترَبَّاه؛ أي: غذَّاه".



    كما قال الشاعر:

    غَذَوْتُكَ مَوْلُودًا وَعُلْتُكَ يَافِعًا
    تُعَلُّ بِمَا أَجْنِي عَلَيْكَ وَتَنْهَلُ

    وقال المناوي في "فيض القدير شرح الجامع الصغير": "التربية: تبليغ الشيء إلى كماله شيئًا فشيئًا"، فالتربية في اللغة من "ربا الشيءُ يربو رُبُوًّا ورِباءً: زاد ونما"[9].



    عن أبي الحباب سعيد بن يسار، أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن تصدَّق بصدقةٍ من كسبٍ طيِّبٍ - ولا يَقبَل الله إلا طيبًا - كان إنما يضعها في كفِّ الرحمن، يُربِّيها كما يربِّي أحدُكم فَلُوَّه أو فَصِيلَه حتى تكون مثل الجبل))[10].



    والتربية Education مشتقَّة من Educare؛ بمعنى: قيادة الشيء إلى... أو إخراجه إلى... فهو متضمِّن معنى إخراج الطفل من حالته الأولى إلى حالة التعلُّم والمعرفة والتكوين، أو إخراج ما لديه من مهارات ومؤهلات.




    فالتربية علمٌ يُعنَى بتنمية ملكات الفرد، وتكوين شخصيَّته، وتقويم سلوكه، أو هي فنُّ تنمِيَة الخصائص الجسميَّة والعقليَّة والخلقيَّة الكامنة، بكيفيَّة منسجمة لدى الشخص، بحيث يُصبِح عضوًا نافعًا في مجتمعه.




    وهي نوعان: التربية الرسميَّة؛ ويُقصَد بها التعليم المنظَّم على أيدي المدرِّسين والأساتِذة في المدارس والكليَّات، والتربية غير الرسمية؛ ويندرج تحتَها التعلُّم من طريق المؤسَّسات التي تهدف في المقام الأوَّل إلى شيءٍ آخَر غير التعليم النظامي، وهذه المؤسَّسات تشمَل: الأسرة، والمكتبات، والمتاحف، والمساجد، والإذاعة، والتلفاز وغيرها.




    التربية عند Legendre: هي بمثابة عمليَّة تنمية متكاملة ودينامية، تستَهدِف مجموع إمكانيَّات الفرد البشري: الوجدانية والأخلاقية والعقلية والروحية والجسدية، أمَّا Leang، فيعتبرها نشاطًا قصديًّا، يهدف إلى تسهيل نموِّ الشخص الإنساني وإدماجه في الحياة والمجتمع، والتربية بالنسبة لـ leif هي: عبارةٌ عن استِعمال وسائل خاصَّة لتكوين وتنمِيَة الطفل أو المراهق جسديًّا ووجدانيًّا وعقليًّا واجتماعيًّا وأخلاقيًّا، من خِلال استِغلال إمكاناته وتوجيهها وتقويمها.




    3 – البيداغوجيا La pédagogie:

    غالبًا في الاستعمالات الترمونولوجية المُتَداوَلة يتمُّ الخلط أو عدم التمييز بين مفهوم التربية ومفهوم البيداغوجيا، مع وجود فرق دلالي بينهما: فـ Harion يَعتَبِر البيداغوجيا علمًا للتربية، سواء كانت جسديَّة أو عقليَّة أو أخلاقيَّة، ويرى أنَّ عليها أن تستَفِيد من مُعطَيات حقول معرفيَّة أخرى تهتمُّ بالطفل، أمَّا Foulquié فيرى أنَّ البيداغوجيا أو علم التربية ذو بُعْدٍ نظري، وتهدف إلى تحقيق تَراكُم معرفي؛ أي: تجميع الحقائق حول المناهج والتقنيات والظواهر التربويَّة، أمَّا التربية فتحدد على المستوى التطبيقي؛ لأنها تهتمُّ قبلَ كلِّ شيءٍ بالنشاط العملي، الذي يَهدف إلى تَنشِئة الأطفال وتكوينهم[11].




    ويقتَرِح العربي اسليماني تعريفًا أشمل؛ فالبيداغوجيا هي: "مجموع المُمارَسات النظريَّة والتطبيقيَّة الهادِفة إلى حلِّ المَشاكِل المُرتَبِطة بعمليَّات التواصُل بين شخصَيْن فأكثر"، وهو تعريفٌ يتضمَّن السؤال حولَ طُرُق التدريس، والمحتويات المعرفيَّة المراد تدريسُها، ووسائل وأنواع التقويم، وصعوبات التدريس، وأسباب التعثُّر الدراسي.




    4 - الديداكتيك La didactique:

    الديداكتيك هي شقٌّ من البيداغوجيا، موضوعُه التدريس (Lalande)، وهي كذلك نهج، أو بمعنى أدق: أسلوبٌ معيَّن لتحليل الظواهر التعليميَّة (Lacombe).




    أمَّا بالنسبة لـ(B.JASMIN)، فهي في الأساس تفكيرٌ في المادَّة الدراسيَّة بغية تدريسها، فهي تُواجِه نوعَيْن من المشكلات: مشكلات تتعلَّق بالمادَّة الدراسيَّة وبنيتها ومنطقها، ومشكلات ترتَبِط بالفرد في وضعيَّة التعلُّم، وهي مشكلات منطقيَّة وسيكولوجيَّة.




    ويُمكِن تعريف الديداكتيك أيضًا حسب REUCHLIN: مجموع الطرائق والتقنيات والوسائل التي تُساعِد على تدريس مادَّة معيَّنة.




    ولقد ظهَر هذا المصطلح في منتَصَف القرن العشرين، واستُخدِم بمعنى فن التدريس، أو فن التعليم Art d’enseigner.




    ولعلَّ أنسب تعريفٍ لواقع الممارَسة التربويَّة حسب محمد أمزيان، تعريف جان كلود غانيون J.C.Gagnon؛ حيث جعَل الديداكتيك إشكاليَّة إجماليَّة وديناميَّة تتضمَّن ثلاثة عناصر أساسية:

    1 - التأمُّل والتفكير في طبيعة المادَّة الدراسيَّة، والغايات من تدريسها.

    2 - وضع فرضيَّاتها انطِلاقًا من مُعطَيات علم النفس وعلم الاجتماع والبيداغوجيا.

    3 - إعادة النظر في المُمارَسة والفعل البيداغوجي من خِلال النتائج المحصول عليها؛ وعليه فإنَّ الديداكتيك علم نظري وتطبيقي في الوقت نفسه.




    نرجِع إلى مكونات العمليَّة التعليميَّة الثلاثة.



    لا بَأسَ من الإشارة إلى مجموعةٍ من النِّقاط تهمُّ هذه العلاقة الثلاثيَّة، فقد شجَّعت بلادنا (المغرب) التعليمَ الخاصَّ، عن طريق اتِّخاذ مجموعةٍ من التدابير التشجيعيَّة، وهي تأمل في تسجيل 20% من أطفال المدارس في مؤسَّسات خاصَّة بحلول 2015، وهناك حديثٌ الآن عن تَجاوُز هذه النِّسبة في مدينة الدار البيضاء، علمًا بأنَّ عددَ المتعلِّمين الآن 86 مليون، 6% منهم يتلقَّون تعليمهم في المدارس الخاصَّة؛ لأنَّ 47% من المدارس الحرَّة توجد على الساحل الأطلسي بين القنيطرة والدار البيضاء.



    والدولة الآن تُراهِن على إنجاح التعليم في المغرب ورقيِّه؛ لاكتِساب مقاييس الجودة على المدارس الخاصَّة؛ ولذلك نظَّمتْ لأُطُر الإدارة وأسرة التعليم في هذه المدارس تدريبًا يُمَكِّنهم من تقديم التعليم الرَّفِيع، وتلبِيَة الاحتِياجات الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة للبلاد في هذا المجال، كما ينصُّ على ذلك الميثاقُ الوطني للتربية والتكوين؛ وذلك بسبب ما يعرفه التعليم العمومي من اكتِظاظ ومشاكل تجعَل تعليمَنا بعيدًا عن النِّسَب التي يَتَوخَّاها برنامج التعليم في المغرب؛ ممَّا يجعَل المسؤوليَّة جسيمةً على المربِّين في هذه المدارس، باعتِبار التعليم الخاصِّ يقتَرِب أكثَر من مواصفات الجودة، ويهتمُّ بتوافر المحيط الخارجي للتعليم؛ من بنيات تحتيَّة، ومَرافِق ضروريَّة، ممَّا يلعب دوره الفعَّال في جودة التعليم، ومع ذلك فالتعليم الخاصُّ يحتاج إلى مُضاعَفة الجهود؛ لأنَّه أوشك أن يكون أمل الآباء في تعليم أبنائهم.



    ولما فطنت بعض الدُّوَل - كإسبانيا - إلى خطورة هذا الأمر، جنَّدت طاقاتها لخدمة التعليم، وسأُشِير هنا إلى بعض الحوافز التعليميَّة هناك على سبيل المقارنة:

    • في عام 1995 كان 35% من السكَّان الإسبان قد اجتازُوا مرحلة التعليم الثانوي على الأقل، وحصل معظمهم على شهادة إتمام هذه المرحلة.

    أمَّا المغرب فيُراهن على أن يجعل 40% من التلاميذ المسجلين سنة 1999/2000 حاصِلين على البكالوريا عام 2011م، مع أنَّ أحد المسؤولين التربويِّين صرَّح مؤخَّرًا (03/2010) بأنَّ ثمانين ألف تلميذ يَلِجُون المدرسة، لا يحصل على شهادة البكالوريا منهم إلا عشرون ألفًا فقط.



    • يستمرُّ التعليم الإلزامي 10 سنوات: من 6 سنوات إلى 16 سنة.



    • يُشتَرَط في مدرِّس المرحلة الابتدائيَّة الحصول على درجة الليسانس في علوم التربية، أو درجة البكالوريوس في الهندسة.



    • يَحِقُّ للعامِلين في مجال التعليم التقاعُد اختياريًّا عند بلوغهم سنَّ الستين، بشرط قضاء 15 عامًا في الخدمة على الأقل، ويصبح التقاعد إلزاميًّا عند بلوغهم الخامسة والستين.



    • وإذا كان متوسِّط عمل الأستاذ عندنا أقل من 20 ساعة أسبوعيًّا؛ أي: قرابة 700 ساعة سنويًّا، فإنَّ المدرس في إسبانيا يعمل 1280 ساعة سنويًّا، منها 850 في التدريس، والباقي في أداء واجبات مكمِّلة لعمله، مع تمتُّعه بإجازةٍ صيفيَّة مُدَّتها شهران، مع العطلات الرسميَّة العاديَّة.



    أمَّا عندنا فحِسابٌ يسيرٌ يُوقِفنا على درجة هدر الوقت الذي تعرفه مجتمعاتنا.



    فلو أنَّ بلدًا عدد سكانه 10 ملايين نسمة، وعدد الذين يشتَغِلون (يُنتِجون) 25% فقط، يضيعون من أوقات عملهم ساعتين، يكون عدد الساعات التي تَمَّ هدرها في السنة 1,750,000,000 وهي تُعادِل 250 مليون يوم عمل.

    الْوَقْتُ أَنْفَسُ مَا عُنِيتَ بِحِفْظِهِ
    وَأَرَاهُ أَسْهَلَ مَا عَلَيْكَ يَضِيعُ

    فكيف بنا نحن المسلمين المأمورين بحفظ الوقت والاعتِناء به، نجد أبناءَنا يقضون من أوقاتهم أمامَ الفضائيَّات والمواقع الإلكترونيَّة والفيديو قرابة 30 ساعة أسبوعيًّا؟



    بل إنَّ عدد الساعات التي يُهدِرها في هذا الفَراغ أَزْيَدُ من الساعات التي يَقضِيها في المدرسة، فالطفل في المرحلة الابتدائيَّة يَقضِي من 700 إلى 800 ساعة في المدرسة في العام، ويَقضِي أزيد من 1000 ساعة أمام المرناة/ التلفاز، مع أنَّ علماء النفس والاجتماع والأطبَّاء يحدِّدون فترة المشاهدة اليوميَّة للطفل بـ35 دقيقة فقط.



    والتلميذ عند التخرُّج في الثانوي يكون قد قضى في الدراسة: 10,000 ساعة، وأمام التلفاز: 15,000 ساعة.



    والشابُّ في الجامعة يَقضِي 600 ساعة سنويًّا، و1000 ساعة أمام الفضائيَّات.



    • يستغلُّ المدرِّس الإسباني قسطًا من إجازته الصيفيَّة في عقد دورات تدريبيَّة (التكوين المستمر)؛ حيث ينصُّ المرسوم الدستوري للنظام التعليمي على أنَّ مُواصَلة التعلُّم حقٌّ وواجب على العامِلين في مجال التدريس؛ لتَحدِيث خبراتهم العلميَّة والتعليميَّة والمهنيَّة، على أن تكون تلك الدورات مجانيَّة، وتَقُوم بمهمَّة التدريب مراكز المعلِّمين والجامعات.



    • يتَّجِه الإسبان إلى جعْل إلزاميَّة التعليم من سن الثالثة.



    • يتَّجه 70% من خِرِّيجي الثانويَّة إلى الجامعات، و30% إلى المعاهد المهنيَّة.



    • رياض الأطفال مجانيَّة.



    • يُعتَمَد في التعليم الابتدائي على ما يُسمَّى بمعلِّم الفصل، ومعلِّم متخصِّص في الدِّين والتربية البدنيَّة، مع التركيز على التعليم المهني في المرحلة الثانويَّة.



    • يتمُّ التركيز في استِخدام الحاسوب؛ باعتِباره أداة للإنتاج والتعليم، مع توافُر جِهاز حاسوب لكلِّ فصلٍ في المرحلة الابتدائيَّة، وتزويد المؤسَّسات بشبكة الإنترنت، ويُوزَّع التلاميذ في هذه المرحلة وفق نِظام المجموعات، والوسائل والكتب المساندة تَتوافَر في الفصول والممرَّات.



    والمتعلِّمون الموهوبون يُعطون فرصة اختِصار الدراسة إلى سنتين.



    • تُزوَّد المؤسَّسات بمطاعم تُقدِّم وجبات ساخِنة؛ لأنَّ المعلِّم يبقى في المدرسة من بداية الدوام إلى نهايته، ولأن فترة الدوام تبتَدِئ من 9,30 صباحًا إلى الواحدة والنصف ظهرًا، ثم فترة استراحة وغداء لمدَّة ساعة ونصف، ثم تُستَأنف الدراسة من الثالثة إلى الخامسة والنصف.



    • أقصى عدد للتلاميذ في المدرسة يَبلُغ 810 تلميذًا، وعدد الفصول لا يَتجاوَز 26 فصلاً، والحدُّ الأدنى لمقياس الفصل 42 مترًا مربعًا[12].



    ونظرةٌ واحدة إلى جملة مَدارِسنا تُنبِئ بتَقهقُر جودة التعليم عندنا، وأنَّ بيننا وبين ما ذكرناه من تجربة الإسبان قرابةَ 35 سنة من التأخُّر.



    ومن خِلال مشروعين شخصيَّين لأستاذتين طالبتين بالمركز التربوي الجهوي بمراكش تحت إشرافي (2006/2007) حول جودة التعليم عند إحداهما، وتخصيص هذه الجودة بالمجال الصحي والبيئي عند الأخرى، توصَّلتا إلى نتائج مُذهِلة عن طريق استِبيانٍ مُوزَّع على مجموعة من التلاميذ والأساتذة والإداريين، في عددٍ من المؤسَّسات الثانوية والإعدادية بمراكش، سأقتَصِر على ذكر أجوبة التلاميذ:

    • هل المؤسَّسة قريبة من مصدر إزعاج؟

    55% نعم، 45% لا.



    • هل التشجير موجود بمحيط المؤسَّسة؟

    37,5% نعم، 62,5% لا.



    • هل التشجير موجودٌ داخل المؤسَّسة؟

    50% نعم، 50% لا.



    • هل المؤسَّسة مربوطةٌ بشبكة الماء الصالح للشرب؟

    70% نعم، 30% لا.



    • ما وضعيَّة الصرف الصحي؟

    3,7% جيدة، 60% سيِّئة، 36,25% متوسطة.



    • ما وضعيَّة المراحيض بالمؤسَّسة؟

    0% جيِّدة، 31,25% سيِّئة، 6,25% متوسِّطة، 62,5 غير موجودة.



    • هل تدخن؟

    12,5% نعم، 87,5% لا.



    • هل لك علاقةٌ بالكحول؟

    13,75% نعم، 86,25% لا.



    • هل تَتعاطَى المخدِّرات؟

    11,25% نعم، 88,75% لا.



    • هل تعرف الأمراض الناتجة عن هذه الأصناف؟

    72,5% نعم، 27,5% لا.



    • ما هي هذه الأمراض؟

    23,75% يعرف، 33,75% لا يعرف، 42,5% يخلط.



    • هل تعرف عن الأمراض المنقولة جنسيًّا؟

    56,15% يعرف، 22,5% لا يعرف، 21,5% يخلط.



    • اذكر بعض طرق انتقال هذه الأمراض.

    68,75% يعرف، 31,25% لا يعرف.



    • ما طرق الوقاية منها؟

    68,75% يعرف، 31,25% لا يعرف.



    • هل يوجد بالمؤسَّسة نادٍ صحي؟

    17,5% نعم، 82,5% لا.



    • هل يوجد بالمؤسَّسة نادٍ بيئي؟

    12,5% نعم، 87,5% لا.



    • ما دور كلٍّ منهما في التثقيف الصحي والبيئي؟

    25% يعرف، 75% لا يعرف.



    • هل تشارك فيهما أو في أحدهما؟

    16,25% نعم، 83,75% لا.



    • ما نوع الأنشطة التي يقدِّمها كلٌّ منهما؟

    11,25% يعرف، 88,75% لا يعرف.



    • ما هدفك من الدراسة بالأساس؟

    40% التعلُّم، 50% الوظيفة، 10% تلبية رغبة الوالدين.



    • ما مَدَى استفادتك من المعلومات التي تتلقَّاها داخل المدرسة، وتوظيفك إيَّاها في حياتك اليوميَّة؟

    40% بنسبةٍ كبيرة، 60% بنسبة متوسِّطة.



    • هل المقرَّرات والمناهج الجديدة تُحَقِّق مردوديَّة جيِّدة؟

    30% نعم، 20% لا، 50% في بعض الأحيان.



    • كيف يُؤَثِّر المستوى الثقافي والاقتصادي والاجتماعي على عطائك الدراسي؟

    50% سلبًا، 50% إيجابًا.



    • هل تُتابِع أسرتك سيرَ دراستك داخل المدرسة؟

    20% نعم، 60% لا، 20% في بعض الأحيان.



    • هل تجد في بعض أساتذتك تمييزًا في المعاملة بين التلاميذ؟

    60% نعم، 30% لا، 10% في بعض الأحيان.



    • ما مدى إخلاص أساتذتك في أداء واجبهم المهني؟

    30% كلهم، 50% أغلبهم، 20% بعضهم.



    • هل يوجد في أسرتك حاملو شهادات مُعَطَّلون عن العمل؟

    70% نعم، 30% لا.



    • هل يُؤَثِّر وجود حامِلي شهادات معطَّلين من أسرتك على جديَّتك في التحصيل الدراسي؟

    60% نعم، 10% لا، 30% في بعض الأحيان.



    • هل البنيات التحتيَّة والتجهيزات في المؤسَّسة مساعدة على توفير جَوٍّ مُلائِم لتحصيل جيِّد؟

    10% نعم، 90% لا.



    ولعلَّها أرقام تَتضافَر في بيان جوانب مهمَّة من مَكامِن الخَلَل في المنظومة التعليميَّة، كما تُوضِّح بجلاءٍ الجوانب الأساسيَّة الواجب معالجتُها للارتِقاء بجودة التعليم.



    فهل من إصلاحٍ لهذا الوضع التعليمي المُتَقهقِر؟

    إذا توافَر لدينا محتوى معرفي سليم ومُتَّزِن في جميع المواد التي تُلامِس في المتعلِّم جوانبه المعرفيَّة والوجدانية، والمهارية والسلوكية، والحس حركيَّة والعقلية، ووجدت المنهجيَّة السليمة للتدريس méthologie، واستهداف تحقيق الكفايات المرسومة، مع وجود آليَّات القياس والتقويم والدَّعم، وهي العناصِر التفصيليَّة للعمليَّة التعليميَّة - فإنَّ مفتاح النَّجاح بيد المعلم - بعد الله تعالى - فهو القدوة المثاليَّة للتلميذ، والأب الثاني لأجيال المتعلِّمين، وصاحب المفتاح السحري بتَوفِيق الله - تعالى - في إكساب المواقف عند التلميذ؛ هو الذي يستَطِيع الإقناع، والحمل على الفكرة، وهو الذي يستَطِيع بناء الإنسان القادر على العَطاء، وتحمُّل المسؤوليَّة، هذا المعلِّم إذا تَشبَّع بالرسالة التربويَّة السامية، وقصَد إصلاح المتعلِّم وتحقيق النفع له - بلَغ الغاية، وحقَّق المُنية.



    وقد "صنف "fleming" مهامَّ المدرِّس ضمنَ سبع وظائف، هي: كاشف عن الدافعيَّة، منشط، مرشد في الدراسة، ملاحظ ومراقب للتطوُّرات ومظاهر التقدُّم، صانع وتقني، مجرب، إداري ومعالج"[13].



    ويَذهَب havighurst وneugarten إلى أنَّ مهمَّة المدرِّس هي تركيبٌ لمجموعةٍ من الأدوار التي تتَحدَّد في كونه: وسيطًا في الدِّراسة، ضابِطًا للنِّظام، نائِبًا عن الآباء، حكمًا، مؤتمنًا على الأسرار، وممثلاً للمجتمع[14].



    ويُمكِن إرجاع مفاتيح النَّجاح لدى المعلِّم إلى عِدَّة أسباب، لعلَّ من أهمِّها أحد عشر سببًا:

    1 - تشبُّعه بحبِّ المهنة، والتَّفانِي في السُّمُوِّ بها، وتحقيق أهدافها، في حديث أبي سعيد الخدري - رضِي الله عنْه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((سيَأتِيكم أقوامٌ يطلبون العلم، فإذا رأيتموهم فقولوا لهم: مرحبًا مرحبًا بوصيَّة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - واقنوهم - أي: عَلِّموهم))[15].



    2 - أن يكون قدوةً في نفسه، مثالاً لغيره، وما أخطر فِصام الأستاذ بين قوله وفعله على نفسيَّة التلميذ! وقديمًا قال أبو الأسود الدؤلي:

    لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ

    وصِفَة الفصام هاته تظهَر على وجه المعلِّم، حتى قيل: "كن صحيحًا في السر، تكن فصيحًا في العلانية".



    3 - اتِّهام نفسه عند عدم حصول الفَهْم، فقد يكون ذلك بسببه هو لا بسببٍ آخر، قال بكر بن عبدالله المزني (تابعي جليل): "إذا وَجدت في إخوانك جفاءً، فذلك لذنبٍ أحدثْتَه، فتُبْ إلى الله - تعالى - وإذا وجدت منهم زيادة محبَّة، فذلك لطاعةٍ أحدثْتَها، فاشكر الله - تعالى".



    4 - حسن التخطيط للدرس، والبراعة في تحديد الأهداف/ الكفايات، ومحاولة الوصول إليها؛ كالتصميم لبناء بيت، فكيف وهو يَبنِي النُّفوس والعُقول، والأفكار والوجدان، وقد قيل: "إذا كنت تستطيع رؤيةَ الهدف، استطعتَ تحقيقه، وإذا لم تعرف أين تذهب، فكيف تعرف أنك وصلت؟".



    والنجاح في تحقيق الأهداف يقتَضِي خطوتين: التخطيط، والتنفيذ وفق المخطط، والتجرِبة تقتَضِي (القياس مرَّتين لتقطيع الخشب مرَّة واحدة).



    5 - الرِّفق بالمتعلِّم وحسن معاملته، والأخذ بيده للفهم، بدون تعنيفٍ أو تشديد، وفي الحديث يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلِّمكم))[16]، ولذلك قال schilder: "المدرِّس قائدٌ، يمثِّل كلاًّ من الأب والأم".



    6 - مراعاة الفُرُوق الفرديَّة (البيداغوجيَّة الفارقيَّة pédagogie différentielle)، التي ظهرت مع لويس لوغراند louis legrand سنة 1973؛ من أجل تحقيق التواصُل البيداغوجي المعتَمِد على الرصيد المعرفي والعاطفي للمتعلِّم، وهو ما يقتَضِي مراعاةَ الفَوارِق بين التلاميذ، والانفِتاحَ عليهم، وعدمَ إقصائهم، والاعتمادَ على التفريد، واعتبارَ الخصوصيَّات.



    قال علي بن أبي طالب - رضِي الله عنْه -: "حدِّثوا الناس على قدر عقولهم"[17].



    وقالت عائشة - رضِي الله عنْها -: "أمَرَنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن نُنزِل الناس منازِلَهم"[18]، وبوَّب البخاري: (باب مَن خصَّ بالعلم قومًا دون قومٍ كراهية ألا يفهموا)[19]، وقال عبدالله بن مسعود - رضِي الله عنْه -: "ما أنت بمحدِّثٍ قومًا حديثًا لا تبلغه عقولُهم، إلا كان لبعضهم فتنةً"[20].



    وفي حديث أنسٍ - رضِي الله عنْه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه: "كان إذا تكلَّم بكلمةٍ أعادَها ثلاثًا؛ حتى تُفهَم عنه"[21].



    وقد قيل: "حتى تستطيع رفع التلميذ الذي وقع على الأرض، عليك أن تنحَنِي له وترفَعَه برفقٍ، وإلا فكيف تصل إليه؟!".



    7 - تقديم التلميذ، والتعامُل معه على أنَّه شريكٌ في العمليَّة التعليميَّة التعلُّميَّة؛ بل هو محورها، له وزنُه وقيمتُه، مع افتِراض ذكائه وقدرته على الفهم، وممَّا جرى في عهد الرسول - عليه الصلاة والسلام - أنَّه اختَبَر الصحابة ذاتَ يومٍ، وكان من بينهم عبدالله بن عمر - رضِي الله عنهما - وهو طفلٌ صغير، فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((إنَّ من الشجر شجرةً لا يَسقُط ورقُها، وإنها مثل المسلم، فحدِّثوني ما هي؟))، فوقَع الناس في شجر[22] البوادي، قال عبدالله بن عمر - رضِي الله عنهما -: ووَقَع في نفسي أنها النخلة، فاستحييت، ثم قالوا: حدِّثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: ((هي النخلة))، قال ابن عمر - رضِي الله عنهما - فحدَّثت أبي بما وقع في نفسي، فقال: لأن تكون قُلتَها أحبُّ إليَّ من أن يكون لي كذا وكذا؛ أي: من الأموال".



    وقد حصلت تجرِبةٌ في بريطانيا؛ حيث تَمَّ إجراءُ فحصٍ للطلاَّب على الكمبيوتر، وكان برنامج الكمبيوتر مُصَمَّمًا على أن يُفرز الطلاب في مجموعتين: مجموعة الأذكياء، ومجموعة الأغبياء، ولكنَّ خطأً في البرنامج لم يُنتَبَه إليه جعَل الكمبيوتر يبدل بين الأسماء، وقسم الطلاب لصفَّين، وأخبر المدرِّسون أنَّ طلاب هذا الصف أغبياء وطلاب الصف الآخَر أذكياء، ودخَل المدرسون إلى دروسهم، فمَن دخل على صفِّ الأغبياء كان يظنُّهم أذكياء وبالعكس، وبعد خمسة أشهر ونصف اكتُشِف الخطأ في الكمبيوتر، فقرَّر المشرفون إعادة فحص الطلاب، وذهلوا لدرجةٍ كبيرة عندما رأوا تقدُّمًا كبيرًا حصَل عليه الأغبياء عندما عُومِلوا باعتبارهم أذكياء، ورأوا تَراجُعًا ملحوظًا للأذكياء عندما عُومِلوا باعتبارهم أغبياء.



    8 - التنويع في التدريس ما بين الطريقة الإخباريَّة، والحواريَّة، والاستقرائيَّة والاستنباطيَّة، والتعليم بالقصَّة وضرب المثال، وطرح السؤال (التقويم التشخيصي)، وعدم الاقتِصار على واحدة.



    9 - تَلقِيح المعلومات وتجديدها عن طريق القراءة المستمرَّة، والاطِّلاع على الجديد في ميدان التربية، وحضور الندوات والمؤتمرات التربويَّة، والاتِّصال بالمجلاَّت المتخصِّصة، ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85]، ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 76]، ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]، ((إنما العلمُ بالتعلُّم، وإنما الحلم بالتحلُّم))[23].



    بهذا يستَغنِي التلميذ عن عَناء البحث عن المعلومة، التي قد يُفنِي عمره دُون أن يحصل عليها، وقد يسأل المدرس عن مسألة معيَّنة فيرشد التلميذ إلى المراجع المطلوبة دون كبير عناء، فضلاً عن أنَّ المدرِّس يمتلك مخزونًا علميًّا يمتح منه كلَّما احتاج إليه، وبخاصَّة عند الأسئلة المفاجئة أو المفخخة، ولقد قيل: "مكتبة مثقلة بالكتب، لا تُعادِل مدرسًا جيدًا واحدًا"، وقيل: "لو كان مكانُ المدرس في الفصل أمام التلاميذ، فهو في الحقيقة خلفهم يدعمهم"، وقيل: "التلميذ لا يأتي للمدرسة لأجلك، ولكنَّك أنت مَن يذهب إلى المدرسة لأجله"، وقيل: "أعطِ بلا حدود، ولا تنتَظِر الأخذ".



    ولكن دون تكلُّف العلم، وادِّعاء المعرفة، وزعم الموسوعيَّة، فذلك قد يُوقِع في الغرور والتهلكة، ومَن قال: لا أدري، علَّمَه الله ما لا يدري[24].



    10 - ملاحظة وسائل التأثير المختلفة؛ لأنَّ طريق إيصال المعلومة يَعُود إلى ثلاثة أقسام:

    1 - القسم المعنوي من إلقاء الدرس، وهو المعروف بالمحتوى والموضوع (المعرفة).

    2 - القسم الصوتي؛ أي: نبرة صوت المعلِّم ودرجاته في أثناء الشرح.

    3 - القسم البصري؛ أي: مظهر المعلم وحركاته.



    وقد قام البروفيسور (مورابيان) بأبحاثٍ على هذا المستوى، فوَجَد أنَّ 7% من تثبيت المعلومة تأتي من محتوى الدرس، و38% تأتي من العامل الصوتي، و55% تأتي من العامل البصري.



    ودِراسة أخرى حول أبرَزِ خصائص المعلِّم الناجح من وجهة نظَر الموجِّهين والمشرِفين التربويِّين والمديرين، والمعلِّمين أنفسهم والتلاميذ، فكانت النتائج هكذا:

    • التمكُّن من المادة التعليمية: 63%.

    • الديمقراطية والتسامح ومشاركة التلاميذ في اتِّخاذ القرارات: 61%.

    • التنويع في أساليب التدريس: 47%.

    • التحضير السابق للمادة والحماس الشديد لها: 31%.

    • توزيع الأسئلة بالعدل، ومُراعاة الفروق الفردية: 19%.

    • التحلِّي بالأخلاق الفاضلة والمبادئ الملتزمة: 18%.

    • التأهيل العلمي، والإلمام بالأهداف والمنهج: 18%.

    • المحافظة على المظهر بشكلٍ لائق: 17%.



    وممَّا يحدث العمليَّة التفاعليَّة بين المعلِّم والمتعلِّم:

    • تحقيق رضا المتعلم بما يتعلَّمه وتحبيب المادة إليه.

    • التعزيز؛ أي: مكافأة سلوك المتعلِّم الصحيح، وهو مفتاح ضبْط القسم الذي يُعانِي منه بعضُ المدرِّسين، وبخاصَّة في التعليم الخاص، ومن الاستِمالة التربويَّة كلمات التنويه والثناء، وإضافة النقط، والمكافأة بخروجات أو رحلات، أو مسابقات أو ورشات[25].

    • التركيز على التغذية الراجعة أو المرتدَّة/feed-back / rétroaction لقياس أثَر المعلومات المقدَّمة للتلاميذ، بما في ذلك التغذية الراجعة الداخليَّة، المنبَثِقة من ذاتيَّة التلميذ، والخارجيَّة التي تأتي من الخارج من الأستاذ أو المحيط، وما يصحَب ذلك من تقويم بأنواعه:

    • التقويم التشخيصي évaluation diagnostique.

    • التقويم المرحلي/التكويني évalution formative.

    • التقويم الإجمالي/الجزائي évalution sommative.

    • التقويم المعياري évalution normative.

    • التقويم الذاتي auto - évaluation.



    11 - ضبط السُّلوك ورُدود الأفعال تجاه المتعلِّم، وهذا يقتضي:

    • أن يكون المدرِّس سمحًا هاشًّا، ليِّنًا سهلاً، في غير خوف ولا ملق.

    • البعد عن العبوس والتقطيب والشدَّة المفرِطة؛ لأنها لا تأتي بخير، وفي الحديث: ((لم يدخل الرِّفق في شيءٍ إلا زانَه، ولم يُنزَع من شيءٍ إلا شانَه))[26].

    • تجنب المبالغة في التأنيب والتوبيخ، والزجر والتهديد والوعيد "رفق من غير ضعف، وحزم من غير عسف".

    • ترك احتِقارهم، والسخرية منهم، والتنقيص من شخصيَّتهم؛ فذلك يُورِثهم التقوقُع والانطواء، والعُزُوف عن المشاركة، وقد يؤدِّي إلى الإحباط ثم السقوط.

    • لا تضع نفسَك في مواضع التُّهَم، ولا تستَخدِم تلاميذك في أمورك الشخصيَّة وقضاء حاجاتك.

    • ادفَع الملالة والسآمَة عنهم بمزج الجدِّ بشيءٍ من الفكاهة والمزاح البريئَيْن، بنسبة ما يُوضَع من الملح في الطعام.

    • تحسَّس ظروفهم، وأَسهِم في حلِّ مشكلاتهم.



    هذه أهمُّ الصِّفات التي بها يمتَلِك المعلِّم ناصية تلاميذه، فيحبِّب إليهم المادَّة المتعلَّمة، ويَربِط معهم الجسور التربويَّة المطلوبة، ويستَرجِع بعضًا من الثقة المفقودة، وسط الإحباطات المتفشية في المجتمع.

    ــــــــــــــــ
    [1] "المعين في التربية"؛ العربي اسليماني، ص: 91.
    [2] نفسه، و"قضايا تربوية"؛ العربي اسليماني ورشيد الخديمي، ص: 24.

    [3] "لسان العرب": "تلمذ".

    [4] نفسه: "علم".

    [5] "فقه اللغة"؛ للثعالبي، ج 1 ص: 1319.

    [6] "قضايا تربوية" ص: 206.

    [7] نفسه.

    [8] نفسه: ص: 207.

    [9] "اللسان": رب.

    [10] متفق عليه.

    [11] الدريج، 1990.

    [12] ينظر موقع: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] مقال بعنوان: "التعليم في إسبانيا.. مستوى متطور وتجربة رائدة".

    [13] "مجلة علوم التربية" ع 4 سنة 3 مارس 1993 ص: 25.

    [14] نفسه: ص:25/26.

    [15] "صحيح سنن ابن ماجه" رقم الحديث:201.

    [16] "صحيح سنن ابن ماجه" رقم الحديث: 6.

    [17] البخاري معلقًا برقم: 127.

    [18] مقدمة "صحيح مسلم": ج:1 - ص: 4.

    [19] الباب رقم: 49 - ج: 1 - ص: 59.

    [20] مقدمة "صحيح مسلم": ج:1 - ص: 10.

    [21] البخاري برقم: 95.

    [22] البخاري برقم: 91، ومسلم برقم: 2811.

    [23] "صحيح الجامع" برقم:2328.

    [24] جاء الإمامَ مالكًا وفدٌ من المغرب العربي، وقد سارُوا إليه ثلاثة أشهر، ومعهم ثلاثون سؤالاً، فأجاب عن سبعة عشر، وقال في الباقي: لا أدري، فتعجَّبوا، وصعب عليهم أن يُخبِروا قومَهم بأنَّ الإمام يقول: لا أدري، فقال لهم: "قولوا لِمَن في المغرب: الإمام مالك لا يدري".

    [25] ومن وسائل التحفيز: تخصيصُ الجوائز الرمزيَّة للمجتهدِين، وقد كان ذلك معروفًا مشتهرًا عند المربِّين المسلِمين؛ فقد كان إبراهيم بن أدهم يقول: "قال لي أبي: يا بنيَّ، اطلُب الحديث، فكلَّما سمعتَ حديثًا وحفظتَه، فلك درهم، فطلبت الحديث على هذا".

    وكانوا يُدمِجون الأطفال في مجتمع الكِبار؛ استفادةً من علمهم، وتمرُّسًا بتجاربهم؛ فقد مرَّ عمرو بن العاص - رضِي الله عنه - على حلقةٍ من قريش فقال: "ما لكم قد طرحتم هذه الأغيلمة؟ لا تفعلوا، أوسِعُوا لهم في المجلس، وأسمِعوهم الحديث، وأفهِمُوهم إيَّاه؛ فإنهم صغارُ قومٍ أوشَكَ أن يكونوا كبارَ قوم، وقد كنتم صغارَ قومٍ، فأنتم اليومَ كبار قوم".

    وكان ابن شهاب الزهري - رحمه الله - يشجِّع الصِّغار ويقول: "لا تحتَقِروا أنفسكم لحداثة أسنانكم؛ فإنَّ عمر بن الخطاب كان إذا نزَل به الأمر المعضل، دعا الفتيان فاستشارهم، يتبع حدَّة عقولهم".

    [26] "مسند الإمام أحمد" برقم 13555، قال شعيب الأرناؤوط: حديث صحيح.
    مصطفى بويدان-
    مصطفى بويدان-
    Admin


    عدد المساهمات : 97
    تاريخ التسجيل : 16/04/2010
    العمر : 39

    مقال للدكتور: محمد ويلالي (( جدلية مكونات العملية التعليمية )) Empty رد: مقال للدكتور: محمد ويلالي (( جدلية مكونات العملية التعليمية ))

    مُساهمة من طرف مصطفى بويدان- الثلاثاء أغسطس 31, 2010 7:00 am


    جزاك الله خيرا أخي الفاضل على الموضوع المتميز للأستاذ المتميز الدكتور محمد ويلالي وننتظر منك دائما الجديد

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 5:38 pm